Saturday, March 2, 2013

ضد الحكومة

أبدعت السينما المصرية على مر تاريخها، فـكانت أن أخرجت العديد من الأفلام البارزة التي تعد علاماتٍ سينيمائية على الشاشة الفضية. و لـهذا فكرت أن أبدأ بـسرد بعض تلك الأفلام التي كانت لها الفضل في رسم شخصياتنا المصرية الرائعة بـتفاصيلها البسيطة، البعيدة عن التكلف، الساخرة من ظروفها المحيطة و الثائرة عن الذين يحاولون تشويه مدى جمالها. إنها تلك الأفلام التي لو تم عرضها على التلفاز، تتوقف على الفور لكي تشاهدها و البسمة ترتسم على وجهك عريضة على شفاهك.

و من تلك الأفلام كان فيلم (ضد الحكومة) من بطولة الفنان العبقري الراحل (أحمد زكي) و إخراج المبدع (عاطف الطيف). تم عرض الفيلم للمرة الأولى في دور العرض السينيمائي سنة 1992 ميلادية إبان حكم الرئيس السابق (محمد حسني مبارك) و ناقش الفيلم قضية جرئية جداً في تلك الفترة عن محاسبة الحكومة فيما يختص بـكيفية إدارتهم أمور البلاد نظراً لإنه حق مكفول لأفراد الشعب بـشكلٍ أو بـآخر حتى لو نسي أو تناسى الشعب هذا الحق.

تدور أحداث الفيلم عن محامي تعويضاتٍ فاسد (أحمد زكي) يقوم الناس بـتوكيله في قضايا تعويضاتٍ خاصةٍ بهم، فـيترافع في تلك القضايا و يقبض تلك التعويضات و لا يعطي منها شيئاً لأولئك الناس. يمكنك أن تحتقر هكذا إنسان عندما تراه للوهلة الأولى. و لكن ينقلب حال هذا الرجل رأساً على عقب عند وقوع حادث إصطدام قطار بـأتوبيس مدرسي و إصابة العديد من التلاميذ. فـطمع ذاك المحامي أن يحصل على مبلغ تعويضٍ ضخم لو سنحت له الفرصة أن يترافع عن أحد أهالي هؤلاء التلاميذ. و لكن تشاء الظروف أن يجد طليقته في المستشفى، و يتضح له أنها أمٌّ لأحد هؤلاء التلاميذ، و يعرف بعد ذلك أنَّ إبنها هو ولده الذي لا يعرف عنه شيئاً منذ 15 عاماً. عندها يدرك أنَّ أموراً كثيرة قد فاتته، و يجب أن يتخذ منعطفاً جديداً في حياته و يطالب بـإستدعاء "وزراء النقل و المواصلات"، "التربية و التعليم" و رئيس هيئة السكة الحديد للإستجواب في هذه القضية بـموجب توكيلات معظم أهالي التلاميذ. بعدها يمر بالعديد من المواقف و العقبات لإجباره على التراجع عن تلك القضية و لكن هيهات. و أثناء وقت المحكمة، يـُفاجىء بـأنَّ أهالي التلاميد قد تنازلوا عن القضية نظراً لأنهم تراضوا لـقضاء الله و مشيئته و أيضاً لـمعرفتهم بـالسمعه السيئة للمحامي الذين وكـَّلوه. فـيفترض البطل (أحمد زكي) أنه لا مفر من التراجع، و لكنه يجد طليقته توكله في القضية، فـيجد الفرصة مواتية له للمواصلة، و لـتنتهي أحداث الفيلم بـالمرافعة الشهيرة التي أثرت في وجدان كل من شاهد هذا الفيلم الرائع.

يمكنك أن تلاحظ أنَّ (أحمد زكي) لم يمثل شخصية ثورية واحدة، بل كانت له العديد من الشخصيات الثورية الثي قام بـتمثيلها على مدار حياته. و لكن شخصية المحامي التي قام بـآدائها في هذا الفيلم كانت لها أبعادها الخاصة التي قامت بـتحريك عواطفنا كـمصريين يتمنـًّون الخير لأبناء بلدهم في حال لو تغيرت الأوضاع إلى الأفضل. و لن نتمكن من تحقيق ذلك لو بقينا مكتوفي الأيدي نرى ما يحدث أمامنا من فوضى و لا نعمل أي شىء لـتغيره.


No comments:

Post a Comment